باسمِ منْ يَلجأُ إِلَـيْهِ العبـاد ٌ
سلامٌ منّ اللهِ عليكِ ورحمتُهُ وبركاتٌ تغشاكِ
حروف متناثرة تعانقت فكونت كلمات ،وهذه الكلمات كونت جمل ولكن أريد أن أقدمها لكِ كباقة ورود ، وأريد من هذه
الورود أن تتباهى بشكلها وألوانها وإنتعاش رائحتها
وأريد منكِ أن تقرأي كلماتِ ليس فقط بلسانكِ وإنما بعقلك ويشعر بها قلبك
أريدها تكون كلمات بصوتٍ يتردد صداه بين جوانب قلبكِ دائماً وقريبٌ من مسمعك..
بـلادى ...ها أنا ذا أحتار فيما أكتب إليكِليس لأننى لا أجد كلمات , بل لأننى لا أعرف من أين أبدأ
منذ أيـام , وشهدتِ انتصارا وحققتِ انجاز حتى أصبح العالم بأسره يعترف بأنكِ حقا أم البـلاد
نُنهى دورة , ونلتحق بأخرى , نحقق بها إنجـازات ثم يُرفع علمكِ عاليـا معانقا السحـاب
والبلاد من حولكِ تنظر وتتعجب بل تُشيد بأبنائك أنهم أبطـال إفريقيا ولا شكَ , فهم بالعزيمة قد نجحوا وبالإصـرار والتحـدى , أثبتوا للعالم أنهم أبناء المحروسـة
وعلى طبول ورقـصات الفوز , انتشـى الجميـع فرحـاً وراح اسمكِ يتردد بين أرجاء أرضكِ
وغدونا نحن نرفع الرأس عاليـا ومعها يُرفع العـلم
ومع تتويـج أبنائك , رفرف القلب سعادةً
وصِرت أنا أُحدث نفسـى كثـيرا
ها هى بلادى , كعروسٍ تُزف فى يومِ عرسـها
والفخـر فى قلبى يعلو ويعلو
حتى تذكرته _ابنك_ حينما قال :(لو لم أكن مصـريا ..لوددت أن أكون مصـريا )
و والله قد صـدق .
ومن تلك الكلمـات , احتار قلبى وفِكرى ووجدت نفسـى أتخذ جانبـا من بين تلك الأجواء الصاخبة
وأنفرد بروحـى بعيـداً
فليهـدأ قلبى , ولتسكن الفـرحة الآن حتى وجدت سيلاً من الأسئلة تتردد فى أذهانى البريئة
ورُغم أن الوقت أمامى كان ضيقا بعض الشىء إلا أن الاستفهـام مازال بداخلى يتردد , حتى مللته
وأخذت أقول : لا داعى الآن , فالكل يعيش حالة من الفرحة وأنا فى ذات الوقت أعيش بين تلك الكتب والأوراق المتناثرة حولى من كل جانب , فيجب علي أن أبعدكِ الآن من فِكرى , وأعدِك بأننى سأعاود سمعاكِ
واليـوم _اليوم فقط_ قد آذنت لها بالتجول داخل ذِهنى , وفِكرى الذى لم ينمو بعد ليُجيب عليـها , فتركت لكِ _يا بلادى_ الإجـابة
تُرى يا سيدتى ,
مالى أرانى حزينـة بالرغم من كل هذى الأجواء التى بلا شك تدعو الجميـع للفرح
مالى أرانى أنظر بعين متعجبـة من حالنا هذا ..؟
ثم مالى أرى الضيق بداخلى يصـرخ بأن إلى أين ..؟
أتعلميـن ..أقف حيـرى أمام كل هذى الانتصارات والبطولات , التى نحققها وفقط بتلك اللعبة حتى أصبحت الرياضـة عندنا تعنى فقط كرة القدمبل وأصحبت البلاد من حولنا , تعرف عنكِ التفوق فقط فى تلك اللعبة حتى أبنائكِ ما عادت الفرحة عندهم تأتى من شئٍ سواها وما عادوا يجتمعون إلا لمشاهدة مبـارة , وأصبحت تمثل شيئا أساسيا فى حياتنا
وأنا لا أعيب فى ذلك , بل أتسائل
أين العلمُ يا بلادى بين تلك الأجواء ....؟
أين نصيبُ أبنائك من هذى الانتصارات ..؟
أين التفوق فى الطب والعلوم , وسائر المجالات ..؟
أين الثـروة التى تدخل إليكِ من هذى البطولات ..؟
أين ... وفى أرجائك مازال أطفال فى الشوارع يبيتون
أين ...ومازالت المستشفيات تفتقر لإمكانياتِ العـلاج
أين ...ومازالت المدارس والجامعات تفتقد مقومات النجـاح
أين ..ومازالت الأسرة المصـرية الفقيرة تعيش حالة من الضيق واليأس .
أيـن ..وشبابك يصـرخ بأعلى صـوتٍ , "أين مكاننا بعد التخرج" ؟
أين ...وهناك على أرضكِ من يتجرع الفقـر والجوع ويصارع مع المـرض .
ثم أين يا سيدتى , أبنائكِ العلماء الذين غادروكِ لأنهم ما وجدوكِ تشجعيهم وتمدين لهم يَد العـون ؟
أين هم الآن وسط تلك الأجواء العامرة بالانتصـارات ؟
أين يا بلادى .... ؟؟
أما كنتِ يوما تفتخريـن بأنهم أبنائكِ أم أن كرة القدم أصبحت تغنى عن فِكرهم وعلمهم ؟
أين اسمكِ يا بلادى بين قائمة الدول المتقـدمة ؟
أيـن أنتِ , وقد كنتِ فى يومٍ أم البـلاد وفجــأة , تهاوى صرحك وغابت مكانتك
كم أحببتكِ كثــيرا وكم تمنيتُ أن يُرفع اسمك عاليا , لأفتخـر أننى ابنتك
لكن ,,اليـوم .. أقف متعجبـة لحالكِ
حزينــة على عزٍ قد مضـى
أتسائل : ماذا دهاكِ؟!
عذرا سـيدتى ... هنا عجـزت عن إكمال رسالتى
فقد أطلت الحديث , وأنتِ لن تسمعـى :(
لكن فقط , اسمحى لى أن أقولـها
فهى بداخـلى منذ أن وعيت على الحقيـقة
" نعم أحبكِ , لكننى سئمتٌ العيشَ فيكِ "
عُذرا يا بلادى .... قد أصـرَّ قلمى أن يكتبـها
ابنتكِ ( آملة أن تكون المخلصـة )/
نِبــراس~